قال الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ : اعلم أن نواقض الإسلام عشرة , الأول : الشرك في عبادة الله تعالى , قال الله تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) وقال تعالى : (( إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنه ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )) ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين , أما بعد فهذه النواقض العشرة التي ذكرها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي مبطلات للإسلام سميت نواقض لإن الإنسان إذا فعل واحدا منها انتقض إسلامه ودينه , وانتقل من كونه مسلما مؤمنا على كونه من أهل الشرك والأوثان نسأل الله السلامة والعافية . وهذه النواقض والمبطلات تبطل الدين والتوحيد والأيمان كما تبطل نواقض الطهارة الطهارة فالإنسان إذا كان متوضئا متطهرا , ثم أحدث فخرج منه بول أو غائط أو ريح بطلت طهارته وانتقضت وعاد محدثا بعد أن كان متطهرا , فكذلك المسلم المؤمن والموحد إذا فعل ناقضا من نواقض الإسلام انتقض إسلامه ودينه وصار وثنيا من أهل الأوثان , بعد أن كان من أهل الإسلام , وإذا مات على ذلك صار من أهل النار . وإذا لقي الإنسان ربه بهذا الشرك لا يغفر له كما قال تعالى : (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) وهو يحبط جمبع الأعمال , قال تعالى : (( ولو أشركو لحبط عنهم ما كانوا يعملون )) , وقال سبحانه : (( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )) . والجنة على المشرك حرام كما قال تعالى تعالى : (( إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنه ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )) فالشرك يبطل جميع الأعمال , ويخرج صاحبه من ملة الإسلام , ويخلد صاحبه في النار , والجنة حرام على من لقي الله به نسأل الله السلامة والعافية .
هذه النواقض أولها الشرك بالله عز وجل فمن أشرك بالله في أي نوع من أنواع العبادة فقد انتقض إسلامه ودينه , كأن يدعوا غير الله أو يذبح لغير الله , ولهذا مثل المؤلف قال: ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر , أو للرسول أو لملك من الملائكة أو لغير ذلك , وكأن يدعو غير الله أ, يذبح لغير الله أو ينذر لغير الله , أو يركع لغير الله , أو يسجد لغير الله , أو يطوف بغير بيت الله تقربا بذلك الغير , أو أي نوع من أنواع الشرك , فإذا أشرك في عبادة الله أحدا من المخلوقين فإنه ينتقض إسلامه ودينه . هذا هو الناقض الأول نسأل الله السلامة والعافية .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : (( الثاني : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة , ويتوكل عليهم كفر إجماعا )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ هذا الناقض الثاني نوع من الشرك , والشرك أعم , وهذا خاص ولهذا ذكره , وإن كان داخلاً فيه , إلا أنه خاص كأن يجعل بينه وبين الله واسطة محمد , يدعوه يقول يا محمد أغثني . ويا محمد أشفع لي عند ربي . فجعل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم , واسطة بينه وبين الله أو يجعل ملكا من الملائكة أو وليا أو جنياً أو قبراً , أو يدعو الشمس أو القمر فيجعلهم بينه وبين الله وسائط , فيدعوه حتى يكون بينه وبين الله واسطة , أو يذبح له أو ينذر له ويدعوه ليكون بينه وبين الله واسطة , ويزعم أنه يقربه إلى الله , كما قال تعالى : (( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم )) يعني قائلين : ما نعبدهم ((إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) والله تعالى كفرهم وكذبهم بهذا القول (( إن الله يحكم بينهم فيما فيه يختلفون . إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار )) فهم كَذَبَة في هذا القول , وهم كفار بهذا العمل قال سبحانه : (( ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله )) فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أو يذبح لهم أو ينذر لهم أو يتوكل عليهم فإنه كافر بإجماع المسلمين . نسأل الله السلامة والعافية .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ (( الثالث : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم , أو صحح مذهبهم كفر )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : هذا الناقض معناه : أنه لا يعتقد كفر المشركين . فالمشركون عام يشمل جميع أنواعه الكفار ؛ فكل كافر مشرك . فمن لم يكفر الكافر فهو كافر مثله . من لم يكفر اليهود أو لم يكفر النصارى أو لم يكفر المجوس أو لم يكفر الوثنيين , أو لم يكفر المنافقين أو لم يكفر الشيوعيين فهو كافر , وكذلك من شك في كفرهم قال : أنا ما أدري , اليهود يمكن أن يكونوا على حق , أو يمكن أنه يجوز للإنسان أن يتدين باليهودية , أو بالنصرانية , أو بالإسلام كلها أديان سماوية . كما يوعوا بعض الناس إلى التقارب بين الأديان الثلاث . من اعتقد هذا الاعتقاد فهو كافر ؛ لا بد أن يعتقد أن اليهود كفار , وأنهم على دين باطل , وتتبرأ منهم ومن دينهم , وتبغضهم وتعاديهم في الله . وكذلك النصارى لا بد أ، تعتقد كفرهم , وكذلك الوثنيون , والمجوس , وجميع أنواع الكفرة . وكذلك أيضا يكفر لو شك في كفرهم كأن يقول : لا أدري هل اليهود كفار أم ليسوا كفارا , يمكن ا، يكونوا على حق هذا يكفر . لا بد أن يجزم , ويعتقد كفرهم جزماً . وكذلك إذا صحح مذهبهم قال : هم على دين صحيح أو على دين حق فيكون كافراً مثلهم ؛ وذلك لأن من لم يكفر المشركين فإنه لم يكفر بالطاغوت , وليس هناك توحيد إلا بأمرين : إيمان بالله , وكفرٌ بالطاغوت فالذي لم يكفر المشركين , واليهود , والنصارى لم يكفر بالطاغوت ؛ فلا يصح له توحيد , ولا إيمان فلا بد منن أمرين في التوحيد كفر بالطاغوت , وإيمان بالله وهذ1 موجود في كلمة التوحيد لا إله إلا الله لا إله : هذا كفر بالطاغوت , إلا الله : هذا إيمان بالله ؛ لأن لا إله إلا الله نفي لجميع أنواع العبادة لغير الله . والكفر بالطاغوت هو إنكار عبادة غير الله ونفيها , والبراءة منها , ومن أهلها , ومعاداتهم هذا معنى الكفر بالطاغوت , فال بد من عداوة المشركين وبغضهم في الله , قال الله تعالى عن إبراهيم : (( {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} )) . فهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله مخلصاً له الدين وأن تتبرأ من عبادة من سوى الله وأن تنكرها وتبغضها وتبغض أهلها وتعاديهم .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : (( الرابع : من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه وأن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه فهو كافر )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : من اعتقد أن هناك هديا أحسن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول : الفلاسفة أو الصابئة أو الصوفية طريقتهم أحسن من طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه الطريقة فيها الهداية أو مماثلة لهداية النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كافر ؛ فإنه ليس هناك هدي أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لإنه لا ينطق عن الهوى إنما هو وحي يوحى فمن قال إن هناك هديا أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو مماثل له كأن يتدين أو يطلب الطريق إلى الله عن طريق الفلاسفة أو طريق الفلسفة أو الصبو (( الصابئة )) أو التصوف أو غير ذلك فهذا كافر مرتد . وكذلك إذا اعتقد أن هناك حكما أحسن من حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأن يعتقد أن الحكم بالقوانين أحسن من الحكم بالشريعة فهذا مرتد بإجماع المسلمين . وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالقوانين مماثل لحكم الشريعة يكفر أيضا .
وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالشريعة أحسن من الحكم بالقوانين , لكن يجوز الحكم بالقوانين كأن يقول : الإنسان مخير يجوز له أن يحم بالقوانين , ويجوز له أن يحكم بالشريعة , لكن الشريعة أحسن فهذا يكفر بإجماع المسلمين فالإنسان ليس مخيرا , وهذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة ؛ فالحكم بالشريعة هذا أمر واجب على كل أحد وهذا يقول : إنه ليس بواجب وأنه يجوز للإنسان أن يحكم بالقوانين فهذا يكفر ولو قال : إن أحكام الشريعة أحسن . فعلى هذا :
إذا حكم بالقوانين واعتقد أنها أحسن من حكم الشريعة كفر
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أنها مماثلة لحكم الشريعة كفر
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أن حكم الشريعة أحسن من الحكم بالقوانين لكن يجوز الحكم بالقوانين كفر أيضا
ففي الحالات الثلاث كلها يكفر .
وهناك حالة رابعة إذا حكم بالقوانين أو بالقانون في مسألة من المسائل أو في قضية من القضايا وهو يعتقد أن الحكم بالشريعة هو الواجب , وأنه لا يجوز الحكم بالقوانين , وأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أ،ظالم وأنه مستحق للعقوبة لكن غلبته نفسه وهواه وشيطانه فحكم بغير ما أنزل الله , حكم بغير ما أنزل الله لشخص حتى ينفع المحكوم له أو حتى يضر المحكوم عليه , فينفع المحكوم له ؛ لأنه صديق له أو قريب له , أو جار له , أو يضر المحكوم عليه لأنه عدو له , وهو يعلم أن الحكم يما أنزل الله واجب وأنه مرتكب للمعصية هذا يكفر كفرا أصغر ولا يخرج من الملة .
فيكون الحكم بغير ما أنزل الله أربع حالات , ثلاث حالات يكفر فيها كفرا أكبر , والرابعة يكفر كفرا أصغر .
مسألة : ( حكم إزالة الشريعة كلها والحكم بالقوانين ):
إذا كان سن القوانين كلها , وأزال الشريعة كلها رأسا على عقب هذا بدل الدين , وهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر لأنه بدل دين الله , وهذا هو الذي أفتى به سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ مفتي الديار السعودية سابقا قال : إن هذا بدل الدين رأسا على عقب ليس في قضية من القضايا , إنما بدل الأحكام كلها فأزال الشريعة كلها وأبدلها بالقوانين في كل صغيرة وكبيرة .
وذهب سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ـ وفقه الله ـ إلى أنه أيضا ولو بدل الدين لا بد أن يعتقد أنه يجوز الحكم بالقوانين حتى تقوم عليه الحجة . إذن هذه هي الحالة الخامسة وهي إذا بدل الدين . وهناك حالة سادسة وهي أن الحاكم الشرعي إذا بذل وسعه , واستفرغ جهده في تعرف الحكم الشرعي لكن أخطأ وحكم بغير ما أنزل الله خطأً فهذا ليس كافرا ولا عاصيا بل هو مجتهد له أجر واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران , وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر )) فهذا خطأه مغفور وله أجر على اجتهاده . وإذا بذل وسعه وأصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : (( الخامس : من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , ولو عمل به كفر )).
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : كأن يبغض الصلاة فإنه يكفر ولو صلى , أو كرهها , يدل عليه قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) فإذا أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من العقاب كأن يبغض إقامة الحدود على الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر ؛ لأنه أبغض وكره ما أنزل الله .
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : السادس من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر , والدليل قوله تعالى : (( قل أ بالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : كأن يبغض الصلاة فإنه يكفر ولو صلى , أو كرهها , يدل عليه قوله تعالى : (( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم )) فإذا أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من العقاب كأن يبغض إقامة الحدود على الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر ؛ لأنه أبغض وكره ما أنزل الله .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ السادس : من استهزأ بشي من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر , والدليل قوله تعالى : (( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) .
قال الشارح حفظه الله : كمن يستهزأ بالصلاة أو بالزكاة أو بالمصلين لأنهم يؤدون الصلاة لا لذواتهم أو بالحجاج وسخر منهم , أو بالطائفين لأنهم يطوفون , لا لذواتهم , أو استهزأ بثواب الجنة كأن يقال له إن الموحد يدخله الله الجنة , والجنة فيها كذا من النعيم فيستهزأ ويسخر أو يستهزئ بالنار , فهذا يكفر بهذا الاستهزاء لقول الله تعالى : ((قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) . نزلت هذه الآية في جماعة استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك , قالوا : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أتجبن عند اللقاء يعنون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فنزلت فيهم هذه الآية .
وكذلك لو سب الله وسب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسب الإسلام كفر بهذا السبب
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : السابع : السحر ومنه الصرف والعطف , فمن فعله أو رضي به كفر , والدليل قوله تعالى : (( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : وذلك أن الساحر الذي سحره من قبل الشياطين لا بد أن يتقرب بالشركيات إلى الشيطان الجني ثم الجني يخدمه , فتكون خدمة متبادلة بين الجني وبين الإنسي الساحر , وهناك عقد بينهما , فالجني لا يخدم الساحر إلا إذا أشرك بالله فيتقرب إليه بالشركيات كأن يدعوه من دون الله أو يذبح له أو يأمره يدوس المصحف بقدميه أو يبول على المصحف أو يلطخه بالنجاسة , فإذا كفر الساحر خدمه الشيطان بأن يخبر ببعض المغيبات أو يسرق له بعض الأشياء أو يستجيب له إذا أمره بلطم إنسان , وهكذا فالسحر من فعله أو رضي به كفر , لأن الراضي كالفاعل , قال تعالى : ((وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر )) . هذا السحر الذي صاحبه يتصل بالشياطين .
أما السحر الذي لا يتصل صاحبه بالشياطين كأن يكون هناك ساحر لا يتصل بالشياطين لكن يعطي الناس أدوية وتدخينات ويسقيهم أشياء تضرهم , ويأخذ أموال الناس بغير حق . هذا إذا استحل كفر , وإذا استحل أكل أموال الناس بالباطل , والإضرار بالناس كفر , إما إذا لم يستحل فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب لأن صاحبه لا يتصل بالشياطين , لكن السحر الذي يتصل صاحبه بالشياطين فقد كفر لأن الساحر لا ينفك عن الكفر .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : (( الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى : (( ومن يتولهم منكم فأنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : إذا أعان المشركين على المسلمين فمعناه أنه تولى المشركين وأحبهم وتوليهم رده لأن هذا يدل على محبتهم فإذا أعانهم على المسلمين بالمال أو بالسلاح أو بالرأي دل على محبتهم ومحبتهم رده , فأصل التولي هو المحبة , وينشأ عنها الإعانة والمساعدة بالرأي أو بالمال أو بالسلاح فإذا أعان المشركين على المسلمين فمعناه أنه فضل المشركين على المسلمين . أما إذا أعان مشركا على مشرك فلا يدخل في هذا.
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ : (( التاسع من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر )) .
قال الشارح ـ حفظه الله ـ : المعنى أنه يعتقد أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد , ويتعبد لله بغير الشريعة التي أتى بها الرسول صلى الله عليه وسلم , وأنه يصل إلى الله ويكون من أهل الجنة ولو لم يعمل بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما قال بعض الفلاسفة , يتعبد لله عن طريق الفلسفة أو عن طريق الصابئة أو عن طريق التصوف , وأنه يصل إلى الله عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم أو عن طريق غيره , ويقول : كلها سواء , هذا كافر لأنه ليس هناك طريق يصل به إلى الله إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم . ولا يسع أحدا الخروج عن شريعته صلى الله عليه وسلم لأنها عامة للثقلين وهي خاتمة الشرائع أما خروج الخضر عن شريعة موسى فليس له فيه حجة لأن موسى شريعته ليست عامة كشريعة محمد صلى الله عليه وسلم , ولأن الخضر نبي يوحى أليه على الصحيح , وعلى القول الآخر وهو أنه ليس بنبي فليس من بني إسرائيل لم يرسل أليه موسى .
موسى أرسل إلى بني إسرائيل , والخضر ليس منهم فلا يكون داخلا في شريعة موسى . مع أن الصحيح أ،ه نبي يوحى أليه ولهذا ذهب موسى يتعلم منه . قال : (( وما فعلته عن أمري )) هذا دليل على أنه نبي يوحى أليه ولا يمكن أ، يقتل الغلام , ويخرق السفينة , ويبني الجدار عن طريق الإلهام فلا يمكن أن يفعل هذا إلا بوحي .
المقصود أن من اعتقد أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى فهو كافر لوجود الفرق فشريعة محمد صلى الله عليه وسلم عامة وشريعة موسى خاصة ببني إسرائيل وشريعة موسى يجوز لغير بني إسرائيل ويسعهم الخروج عنها , وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا يسع أحدا الخروج عنها .
--------------------------------------------------------------------------------
قال الإمام ـ رحمه الله ـ (( ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطرا وأكثر ما يكون وقوعا فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه , وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم ))
قال الشارح ـ حفظه الله ـ يقول رحمه الله لا فرق بين هذه النواقض العشرة إذا فعلها الإنسان عامدا أو فعلها هازلا أو فعلها خائفا هذا يكفر كأن يفعلها ويقول أنا أمزح فإنه يكفر بهذا ولو كان يمزح أو فعلها قاصدا جادا يكفر أو فعلها خائفا يكفر ولا يعذر إلا المكره , وهو الذي يكون إكراهه ملجئا كأن يوضع السيف على رقبته ويقال له : أكفر وإلا قتلناك فهذا لا يكفر , ولا بد أن يكون قلبه مطمئنا بالإيمان أما إذا اطمأن قلبه بالكفر فإنه يكفر . فتكون الحالات :
الحالة الأولى : إذا فعلها عامدا
الحالة الثانية : إذا فعلها هازلا أي مازحا
الحالة الثالثة : فعلها خائفا
الحالة الرابعة : فعلها مكرها وقلبه مطمئن بالكفر
في هذه الحالات الأربع يكفر .
الحالة الخامسة : فعلها مكرها وقلبه مطمئن بالإيمان هذا لا يكفر لقوله تعالى : (( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم )) . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
--------------------------------------------------------------------------------
إجابات الشيخ الراجحي ــ حفظه الله ـ على الأسئلة التي عرضت عليه أثناء الدرس:
س1 : ما حكم إقامة المؤتمرات التي تدعوا إلى اجتماع الأديان وحكم حضورها ؟
ج1 : إذا كانوا يعتقدون أن هؤلاء الأديان يمكن أن يكونوا على حق أو أنه يمكن أن يكونوا على حق فهذا كفر ورده والعياذ بالله . من دعا على التقارب بين الأديان لأنها صحيحة أو لأنها حق فهذا كافر ؛ لأن هذا لم يكفر بالطاغوت . الذي يدعوا إلى التقارب بين الأديان لم يكفر بالطاغوت , يدعو المسلمين أن يقربوا من دين اليهودية أو النصرانية أو يكونوا مثلهم أو يكونوا موافقين لهم أو أنهم على حق هذا ما كفر بالطاغوت هذه رده , هذا فعل ناقضا من نواقض الإسلام .
س : بالنسبة للضابط في تكفير من لم يكفر المشركين مثل ابن سينا , يأتي الشخص ويقول : أنا ما أكفر ابن سينا هو عندي مسلم . هل يكفر؟
ج : إذا كان عنده لبس , ولا يعرف حاله , لا يكفر حتى يتبين له أمره , لكن من عرف أنه كافر وأنه ملحد , ولم يكفره فهذا داخل في هذا الناقض , لكن قد لا يتبين هذا لبعض الناس , فالذي لا يتبين له يبين له حاله .
س : ( تابع ) وإذا عاند وقال : ما علي منه أنا ملزم بهذا ؟
ج : هو ملزم , معناه فعل ناقضا من نواقض الإسلام ( من لم يكفر المشركين ....... الخ ) أنت ملزم بتكفير المشركين وعداوتهم وبغضهم في الله تعالى , ألزمك الله بهذا , ألزمك الله بالتوحيد , ولا توحيد إلا بتكفير المشركين , من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو كافر مثلهم لأنه لم يكفر بالطاغوت ومن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله , ما يصح إيمانه بالله ولا توحيده إلا بالأمرين : كفرٌ بالطاغوت وإيمان بالله , والكفر بالطاغوت بدأ به الله أولا ( لا إله إلا الله ) لا إله : هذا كفر بالطاغوت التحلية ثم التخلية
س : عن حكم من لم يكفر من اختلف في تكفيره ؟
ج : لا بد أن يكون هذا الذي يُكفَر فعل أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبه أو أمرا معلوما من الدين بالضرورة تحريمه , من أنكر وجوب الصلاة كفر , لأن وجوب الصلاة مجمع عليه , ما أحد يقول إن الصلاة غير واجبة , وكذلك إذا أنكر تحريم الزنا أو الربا لأن هذا أمر مجمع عليه , بإجماع المسلمين أن الزنا حرام وأن الربا حرام . لكن الأمور المختلف فيها أو التي فيها لبس من أنكرها لا يكفر , فلو أنكر تحريم الدخان لا يكفر لأن هذا فيه لبس وفيه إشكال لأن بعض الناس قد يفتي بحله في غير هذه البلاد وإن كان هذا خطأ وغلطا فهذا يدرأ عنه الكفر , وكذلك من أنكر وجوب الوضوء من لحم الإبل لا يكفر لأن هذا مختلف فيه .
س : هل يعذر المسلم بالجهل ؟
ج : الإنسان لا يعذر بالجهل إذا كان يستطيع أن يزيل الجهل عن نفسه ويجد من يسأله , أو كذلك في أمر معلوم من الدين بالضرورة , ومثله لا يخفى .. إنسان فعل الربا بين المسلمين فلما قيل له إنه حرام قال ما أدري أنا جاهل . ما يطاع هذا لأن هذا أمر واضح لكل أحد .
لكن لو كان في مجتمع ربوي مثله يخفى عليه . لو كان ما أسلم واحد مثلا ـ عاش في أمريكا وهم يتعاملون بالربا فظنه حلالا هذا يمكن يجهل هذا فلما أسلم وتعامل بالربا قال : أنا ما أدري جاهل . نعم يمكن , مثل هذا يجهل .
يعني الجهل إذا كان في أمر خفي دقيق من الأمور الدقيقة الخفية يعذر , أما في أمور واضحة التي لا تخفي لا يعذر . يعني في الأمور الخفية التي مثلها يجهله يعني مثل حال هذا الشخص يمكن يجهل هذا الشيء مثل قصة الرجل الذي جاء في الصحيحين الذي أمر أهله أن يحرقوه ويذروه في البحر وفي البر قال :لأن قدر الله علي ليعذبني عذابا شديدا , فعل هذا عن جهل والحامل له على ذلك خوف الله فغفر الله له ورحمه لأنه ما تعمد وظن أنه لا يدخل تحت القدرة في هذه الحالة , وهو لا ينكر البعث ولا ينكر القدرة , لكن أنكر كمال تفاصيل القدرة لأن هذا مبلغ علمه , ولم ينكره عنادا وإنما هو جاهل والذي حمله عليه الخوف مثل هذا أمر خفي بالنسبة أليه .
أما الأمور الواضحة فلا يقبل فيها . واحد يعيش بين المسلمين ولا يصلي فإذا قيل له , قال: أن ما أدري أن الصلاة واجبة أنا جاهل . هذا ما يطاع . و يقول : ما أدري أن الخمر حرام أو أن الزنا حرام , ما يطاع لأنها أمور واضحة .
س : الذي لا يفرق بين الكفر الأكبر والأصغر في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ؟
ج : كيف ما يفرق ؟! , الله تعالى فرق , النصوص دلت على التفريق بينها لأن هذا عاص , الذي حكم في قضية من القضايا , عاصي ما أنكر الحكم بالشريعة , يرى أنه واجب لكم حكم طاعة للهوى والشيطان .
س : هل لكل أحد أن يطلق الأحكام هذه ((يعني في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله )) أو أن هذا الأمر يرجع أهل الشأن ؟
ج: يرجع إلى العلماء فهم الذين ينظرون ويتأملون , والعامة والمتعلمون يرجعون إلى العلماء في هذا وليس لهم أن يصدروا الأحكام في هذا لأنهم ما زالوا في سن الطلب , والعامة ليسوا أهلا لذلك . والطلبة أيضا كذلك عليهم أن يرجعوا إلى أهل العلم , ما يصدرون الأحكام و يكفرون الناس بالهوى يقرأ الإنسان أو ثلاثا ثم يصدر الأحكام ويكفر الناس هذا ليس أليه يرجع إلى أهل العلم لأنه قد يتوهم قد يظن كفرا ما ليس بكفر بسبب قصوره وقلة بصيرته وتسرعه وضحالة علمه الشرعي .
س : إذا كان أحد ولاة الأمور حمى جانبا من جوانب المعاصي لأجل أمر من الأمور , ولأجل لغرض معين فيأتي أشخاص , ويحكمون بأن حماية هذه الأشياء استحلال لها ؟!
ج: لا , هذا ليس بصحيح , هذا باستحلال أشققت عن قلبه ؟ هل قال لك إنه استحل . الحماية قد يكون لها أسباب , حتى العصاة يحمي بعضهم بعضا , ولا يكونون كفارا , وقد تكون هذه الأشياء التي تحمى يختلط فيها الحلال والحرام .
س: هل ينحصر الكفر بالتكذيب والاعتقاد ؟
ج: الكفر ليس خاصا بالتكذيب , الكفر يكون بالتكذيب إذا كذب الله أو كذب الرسول , أو جحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة كفر .
ويكون أيضا بالفعل إذا سجد للصنم كفر ولو ما اعتقد , إذا داس المصحف بقدميه وهو قاصد هذا , أو لطخ المصحف بالنجاسة أو بالبول متعمدا كفر . وكذلك يكفر بالقول , إذا سب الله أو سب الرسول أو سب الدين الإسلامي أو استهزأ بالله ورسوله كفر بهذا القول .
وكذلك يكفر بالشك , إذا شك في الله أو في الملائكة أو في الكتب أو في الرسل أو في الجنة أو في النار يقول : ما أدري هو فيه جنه أو ما فيه جنه ؟ هو فيه نار أو ما فيه نار ؟ يكفر بهذا الشك . ويكفر بالترك إذا أعرض عن دين لا يتعلمه , ولا يعبد الله كفر بهذا الترك نسأل الله العافية . الكفر يكون بالتكذيب ويكون بالقول ويكون بالشك ويكون بالترك .
أما قول المرجئة أنه لا يكون إلا بالتكذيب فهذا باطل .
س : بعض الناس تكون له خصومة فتحال على القضاء فيقضي القاضي في المسألة فينبغض هذا الحكم الذي قضى به القاضي فما حكم هذا؟
ج: إذا كان لم يبغضه لأنه حكم الله فهذا قد يكون أبغض هذا الشيء لأنه يتعلق بحض دنيوي ما أبغضه لأنه حكم الله فهذا قد يدرأ عنه الكفر , ولكن الواجب عليه تسليم لحكم الله ورسوله ما دام عرف أن هذا الحكم الشرعي ,ينبغي له أن يرضى و لو كان هذا الحكم ضده , كما جاء في الحديث : (( من حلف له بالله فليرضى , ومن لم يرض فليس من الله )) ولا بد من الرضى بحكم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا علم أن هذا هو الحكم الشرعي يجب عليه أن يرضى ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يحدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) .
وإذا كان يكره هذا الحكم لأنه حكم الله ورسوله , ويود ويحب الحكم بالقانون هذا يكون ردة والعياذ بالله هذا فضل أحكام الطواغيت على حكم الله ورسوله , أما إذا كان يكره حكم الطاغوت ولكن حصل له تكدر من جهة نقص المال أو ما أشبه ذلك لأجل حض دنيوي , لا لأنه يكره حكم الله ورسوله فهذا قد يدرأ عنه الكفر .
س : من قال إن قوله تعالى : (( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) نزل في المنافقين , وإن قوله تعالى : (( بعد إيمانكم )) المراد الإيمان الظاهر ؟
ج : هذا خلاف الظاهر , هذا التأويل يحتاج إلى دليل وفي الآية (( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) .
س (( تابع )) : يعني نزلت في الصحابة ؟
ج : نعم , في جماعة , في غزوة تبوك . والمنافقون طبقات : بعضهم ليس عنده إيمان , وبعضهم إيمانه ضعيف , وبعضهم إيمانه يخبو ويذهب ويأتي فهم أقسام .
س : ما حكم الإتيان إلى السحرة ؟
ج : لا يجوز الإتيان إلى السحرة , ولا إلى الكهان , ولا إلى المنجمين ولا سؤالهم , وقد جاء الوعيد على السؤال قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة مدة أربعين يوما )) أما من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم . والكاهن : هو الذي له رأيُّ من الجن يخبره عن المغيبات في المستقبل يقال له الكاهن . والساحر : هو الذي يتصل بالشياطين ويكون كفره عن طريق الأدوية والتدخينات والعقد والعزائم والرقى . والمنجم : هو الذي يدعي الغيب عن طريق النظر في النجوم , وأن لها تأثيرا في الحوادث الأرضية . والعراف : هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق , ومكان الضالة . وكذلك أيضا من يكتب أباجاد : أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ . هذه الحروف الأبجدية يكتبونها ويستدلون بها المغيبات , أما من كتبها ليستفيد منها ولا يستدل بها على الغيب فيستدل بها على الوفيات وما أشبه ذلك فلا يدخل في هذا .
وكذلك أيضا من يفتح الكتاب ويحضر الجن ومن يقرأ في الفنجان أو يقرأ في الكف . كل هؤلاء إذا كانوا يدعون الغيب كلهم كفار , لكن طرقهم مختلفة ـ كلهم يدعون الغيب كلهم كفار ـ فإن كان ادعاء الغيب عن طريق العزائم والرقى والعقد والأدوية والتدخينات سمي ساحرا .
وإن كان عن طريق المغيبات في المستقبل سمي كاهنا . وإن كان عن كريق النظر في النجوم سمي منجما . وإن كان عن طريق معرفة المسروق ومكان الضالة سمي عرافا . وكذلك إذا كان يضرب بالحصى أو يخط في الأرض ويدعي علم الغيب كل هؤلاء كفار , كل هؤلاء منجمون .
س : نأمل التفصيل في مسألة الاستعانة بصالحي الجن .
ج : الاستعانة بالجن , ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن اتصال الجن بالأنس له ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يدعوهم إلى الله ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر هذا مطلوب , الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب للأنس والجن . وهذا يكون إذا قدر أنه كلم أو كذا أو ما أشبه ذلك يدعوه إلى الله ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر فقط ما يزيد على هذا فهذا مطلوب , قد يحصل هذا , قد يوجد بعض الجن الصالحين يحضرون بعض الحلقات قد يكون يكلمون بعض الناس , هذا إذا دعاهم إلى الله وأمرهم بالمعروف هذا مشروع .
الحالة الثانية : أن يستعين بهم في أمور مباحة كأن يستعين بهم في إصلاح سيارته أو إصلاح مزرعته أ و بناء بيته . يقول شيخ الإسلام : الأصل فيه الإباحة .
ولكن بكل حال لا ينبغي للإنسان أن يتمادى مع الجن حتى في الأمور المباحة لأن الجن لا نراها ولا نعلم صدقهم من كذبهم , والجن أضعف عقولا من الإنس ولا يصدقون وقد يجرونه إلى ما لا تحمد عقباه وإذا كان الله قال (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا )) هذا فاسق من الإنس فالجن أشد .
بعض القراء يتمادون في مثل هذا , بعضهم يقول : أنا أتكلم مع الجني وأطلب منه كذا وكذا , وأخبرني عن كذا وكذا , وأخبرني عن السحر الفلاني أين هو ؟ وكذا وكذا . وبعضهم يوقلون إنه مسلم , نقول : من أخبرك ؟ هل تعلم حاله ؟ هل يُصدق هذا هو الآن فاسق , اعتدى على هذا الإنسي فيكون فاسق لا يقبل كلامه ولا خبره , فلا ينبغي لك أن تقبل خبره ولا أن تستعين به , إنما تدعوه إلى الله , أو تقرأ عليه , وتطلب منه أن يخرج من هذا المسلم ولا يؤذيه .
أما كون بعض الناس يقول : أنا أطلب منه كذا وكذا وأخبرني عن كذا , وعن السحر الفلاني ويجلس معه ساعات . والجني يكذب عليه فكيف يثق بكلامه ؟ وكيف يعلم أنه صحيح ثم أنهم قد يجرونه إلى ما لا تحمد عقباه حتى في الأمور المباحة لأنه قد تتدرج بهم الحال حتى يوقعوه في الشرك .
س : ما حكم قراءة البروج وتصديقها ؟
ج : إذا ادعى بها علم الغيب هذا كفر وردة , هذا التنجيم .
س : إذا كان يصدق البروج ؟
ج : إذا كان يصدقهم في دعوى علم الغيب فهو كافر لأنه مكذب لقول الله تعالى : (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله )) .
س : يريد حل السحر بسحر مثله ويقول أنا مضطر لهذا ؟
ج : حل السحر يسمى النشرة عند العلماء , والصواب الذي عليه المحققون أن حل السحر ينقسم إلى قسمين :
النوع الأول : حل السحر بسحر مثله فذا محرم .
النوع الثاني : حل السحر برقى شرعية أو أدوية مباحة فهذا جائز , يقرأ آية الكرسي والمعوذتين , والآيات التي فيها السحر أو أدعية شرعية : اللهم رب الناس أذهب البأس واشفي أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما . وبسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ومن كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك . أو بأدوية مباحة أو عقاقير طبية فهذا لا بأس به هذا هو الصواب الذي عليه المحققون , وهذا هو الذي اختاره العلامة ابن القيم وهو الذي اختاره الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ في كتاب التوحيد بقوله باب ما جاء في النشرة , وقسم النشرة إلى قسمين نشرة جائزة ونشرة محرمة , والنشرة حل السحر عن المسحور : حله بسحر مثله هذا حرام وحله برقية شرعية أو أدوية مباحة هذا جائز .
س ( تابع ) : هل يكون مصدقا إذا ذهب وقال أنا مضطر ؟
ج : لا يجوز ليس له ذلك , على ما قرره المحققون , ليس له أن يأتي الساحر , والتصديق شيء آخر , إذا صدق كفر , لكن لا يجوز الإتيان هذا طريق مسدود .
س : من عاون الكفار على المسلمين خوفا على مصالحه ؟
ج : يكفر ولو خاف على مصالحه الدنيوية بنص القران : (( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة )) يعني له حظ دنيوي , هذا كفر لأنه قدم الحظ الدنيوي على دينه , دين الله مقدم على مصالحه , إذا قدم مصالحه على دينه كفر .
س : هل النواقض محصورة ؟
ج : النواقض كثيرة , العلماء من أهل كل مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف كلهم في كتب الفقه يبوبون : باب حكم المرتد . وهو الذي يكفر بعد إسلامه ويذكرون أنواعا كثيرة . والأحناف من أكثر المذاهب تعدادا لنواقض الإسلام حتى إنهم قالوا : إن الإنسان إذا صغر المسجد والصحف . فقال : مسيجد أو مصيحف على وجه التحقير كفر .
فالنواقض أنواع كثيرة موجودة في كتب الفقه في باب حكم المرتد لكن هذه النواقض العشرة من أهمها وأجمعها , وكثير من التفصيلات ترجع إليها .
س : الإمام ـ رحمه الله ـ ذكر في بعض النواقض إجماعا , وبعضها لم يذكر إجماعا ؟
ج: معروف كلها مجمع عليها , ما فيها إشكال , وذكر الإجماع من باب الإيضاح كلها أمور معلومة من الدين بالضرورة .
س: ما المراد بالإعراض في قوله : (( الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ..... الخ )) ؟
ج : المراد بالإعراض الإعراض عن الدين جملة لا يتعلمه ولا يعمل به .
انتهت
أخوكم : عبدوس
-------------
(*) محاضرة بعنوان شرح نواقض الإسلام للشيخ عبد العزيز الراجحي